لماذا لم أعد أكتب … ؟

عزيزتى ..
الكتابة بالنسبة لى كعش حمام، أغزله طيلة ساعات كلمة تلو الكلمةـ وجملة تتبعها الأخرى، وهنا يكمن كل الإشكال، أنه كلما تعقّدت المشاعر، زاد الغزل صعوبة، وأصبح التعبير عنها مرادا ليس باليسير،  فيجف الحبر فى القلم.
هذا هو العشق يا رفيقة، ينخر فى قلوبنا حتى قاعها، ويلقى بذرته بين أحشاء القلب وأنسجته، ويرويها بماء اللقاء، ويشدها بمرار الفراق، ونحن فى كل ذلك نرى بالقلب ما يمكن أن نعبر عنه، لكنه إذا ما ألقت تلك البذرة ثمارها وأورفت ظلالها، صارت هى القلب فكيف نكتب عنها وقد صارت نحن وصرنا هى.
كيف يعبر الإنسان عن شئ صار يحتل خياله، ويحوز روحه، ويمرح فى دمه، كيف يصيغ جملة تعبر عن كل مكنون حياته، كيف تستطيع الكلمات أن تنسج له واقعه الذى يعيشه .. كيف ؟
خبرينى .. لماذا الجنة لا توصف ؟ .. لأنه لا يمكن أن تعبر الكلمات عن الجمال المطلق، وعن الراحة الأبدية، الإطلاق والأبدية معنيان لا يعرفهما البشر.. كيف يعبران عن شئ لم يختبرانه ..
وكذلك العشق، كيف يعرف الإنسان شيئا لا زال يغوص فى أمواج جماله، كيف يعبر عن مذاق لذيذ الطعام، وهم لم يزل بعد يمضغه ويستسيغه، ولهذا فإن البشر من لدن آدم، لا زالوا يكتبون وينسجون حروفهم المثقلة بماء الحب : ولم ينتهى الكلام ولم يكمل للعشق وصف.
لهذا لم أعد أجد الكلمات التى أصيغ لكى بها كل ما صار بى من عشق، ولا بعض ما صار بى ..
لمعة العين التى لا تنطفئ إلا بعد أن يغرب عنها شمسك، وإنشراحة الصدر التى لا تأفل إلا بعد أن يغيب عنها طيفك، ورقصة الروح سرورا والتى لا تهدأ إلا بعد أن يبعد عنى وجهك، كل تلك أعراض لداء صار يلبس روحى وقلبى، ويسوقهما إلى حيث ما يريد ..
لهذا لم أعد أكتب …
فلا الشعر صار يجدى، ولا النثر صار يصف، فصرت أستغل الوقت الذى ربما آخذه فى الصياغة  كى أغوص بينك وفيكى ..
لأن العشق صيام لا يتركنى إلا جائعا ولها ..
لهذا لم أعد أكتب ..

تحياتى يا حبيبة ..

3 comments on “لماذا لم أعد أكتب … ؟

Submit reply to ahmed sarhan Cancel reply

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>